فضل حديث من غسل واغتسل .........
إخواني الأعزاء ، تحية طيبة عنوانها السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته . اليوم أطلعكم على حديث نبوي شريف أخبرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيه فضل كبير نناله إن شاء الله في الدنيا والآخرة. يقول حبيبنا (ص) في حديث رواه أوس بن أوس الثقفي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول { من غسل يوم الجمعة واغتسل ثم بكر وابتكر ومشى ولم يركب ودنا من الإمام فاستمع ولم يلغ كان له بكل خطوة عمل سنة أجر صيامها وقيامها }
وهو حديث صحيح رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حديث حسن , والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وصححه
وجاء في شرح السيوطي لسنن النسائي (95/3) : ((... من غسل واغتسل قال النووي في شرح المهذب يروى غسل بالتخفيف والتشديد والارجح عند المحققين التخفيف والمختار أن معناه غسل رأسه ويؤيده رواية أبي داود في هذا الحديث من غسل رأسه من يوم الجمعة واغتسل وإنما أفرد الرأس بالذكر لأنهم كانوا يجعلون فيه الدهن والخطمي ونحوهما وكانوا يغسلونه أولا ثم يغتسلون وقيل المراد غسل أعضاءه ثم اغتسل للجمعة قال العراقي ويحتمل أن المراد غسل ثيابه واغتسل في جسده وقيل هما بمعنى واحد وكرر للتأكيد وقيل غسل أي جامع أهله قبل الخروج إلى الصلاة لأنه يعين على غض البصر في الطريق يقال غسل الرجل امرأته بالتخفيف والتشديد إذا جامعها ... )) .قال الشيخ أبوعبدالله العلوان: تكلم في هذا الحديث بعض العلماء من جهة متنه باعتبار أنه ثواب كبير في عمل قليل ، وهذا في الحقيقة ليس علة من كل وجه فالجواب على ذلك من وجهين :
الوجه الأول:أن هذا العمل ليس قليلاً بل هو عمل كبير والدليل على هذا واقع الناس أنهم لا يعملون به دل على أنه عمل كبير وليس بقليل.
الوجه الثاني :أنا الأحاديث لا تضعف من مناط كون الثواب كبيراً والعمل قليلاً لأن هناك أقل من هذا العمل وأكثر ثواباً منه ، كما في صحيح مسلم عن حديث كريب عن ابن عباس عن جويرية أنا النبيr خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: مازلت على الحال التي فارقتك عليها قالت: نعم ، قال النبيr:" لقد قلت بعدكِ أربع كلمات ثلاث مرات لو وزنت بماقلتِ منذ اليوم لوزنتهن : سبحان اللَّه وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته". أخرجه مسلم (4905)، والنسائي (1335) ، وأبو داود (1285)، والترمذي (3478) وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح.
**وقد حُكى عن بعض السلف أنه قال:"هذا الذكر " فرأى الملائكة في المنام بعد بضع عشرة سنة، فقالت: له الملائكة لا زلنا نكتب حسناتك منذ ذلك اليوم لأنه قُبل عمله ، وتأمل سيكتبون إلى أن تقوم الساعة لأنه قال: " ومداد كلماته" هل لكلمات اللَّه منتهى؟!
قال الله تعالى: )قُل لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِّكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً([الكهف/109].
والله تعالى أعلم.قال بعض العلماء غسّل تعني غسل الرأس، فقد كان للعرب لَمَمٌ وشعورٌ وفي غسلها مؤنة، فأفرد غسل الرأس في لفظٍ خاص، واغتسل أي نظّفَ باقي جسده، وقال آخرون أنّ في قوله غسّل أي أصاب أهله قبل خروجه إلى صلاة الجمعة، ليعُفّ نفسه ويحفظَ بصرهُ في طريقه، والرجل إن جامع زوجته أحوجها إلى الغسل. ثم بكر وابتكر المقصود بكلمة بكّر، أي ذهب إلى الصلاة في أوّل وقتها، فمن أسرع للشيء فقد بكّر اليه، وابتكر أي أدرك الخطبة في أوّل وقتها، وأوّل الشيء باكورته، وللفظين معنىً واحد مثل فَعَلَ وافتفعل، والتكرار للمبالغة والتوكيد. ومشى ولم يركب: وفي ذلك تأكيدٌ على حمل الشخص على المشي جميع الطريق، وعدم الركوب فالكثير اليوم يذهبون راكبين والأوْلى هو المشي لما فيه من الأجر العظيم. ودنا واستمع وأنصت: أي اقترب من الإمام وفي ذلك حثٌ على تحصيل الصف الأوّل، فالذين يدنون من الإمام اليوم نادرون جدًا، وفي هذا أجرٌ عظيم أيضًا ولكن لا يكفي الدنو من الإمام، ولكن الشرط باكتمال الأجر أن يستمع ويحسن الإصغاء إلى الخطبة، فلا بد أن يجمع بين الأمرين فلو استمع من بعيد أو دنا ولم يستمع لم يحصّل ذلك الأجر العظيم. لم يلغُ: إن المرء عندما يذهب إلى الصلاة لا يتحدث بأحاديث من أي نوع كانت، حتى لو أراد أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، والأولى الصمت والاستماع إلى الخطيب ولا يشتغل بما دونها قال العيني رحمه الله: "واللغو قد يكون بغير الكلام كمس الحصى وتقليبه بحيث يشغل سمعه وفكره وفي بعض الأحاديث: "ومن مس الحصى فقد لغا". عمدة القاري شرح صحيح البخاري (10/26).