شهر رجب
من هو شهر رجب؟
شهر رجب هو الشهر السابع من شهور السنة الهجرية وهو أحد الأشهر الحرم التي قال الله عز وجل فيها: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ} [التوبة:36].
لماذا سمي رجبا؟
وسمي رجب رجباً؛ لأنه كان يرجب أي يعظم، يقال في اللغة (رَجَبَ) فلانا أي خافه، وهابه، وعظمه، قال ابن فارس في (معجم مقاييس اللغة:445): (رجب) الراء والجيم والباء أصلٌ يدل على دعم شيء بشيء وتقويته. ومن هذا الباب: رجبت الشيء أي عظّمته. فسمي رجبا لأنهم كانوا يعظّمونه وقد عظمته الشريعة أيضا.
وأما إضافته إلى مضر؛ فلأن مضر كانت لا تغيره بل توقعه في وقته ـ بخلاف باقي العرب الذين كانوا يغيّرون ويبدلون في الشهور بحسب حالة الحرب عندهم، وهو النسيء المذكور في قوله تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله}[التوبة: 37].
وقيل: إن سبب نسبته إلى مضر أنها كانت تزيد في تعظيمه واحترامه فنسب إليهم لذلك. فلقد كانوا يُحرِّمون فيه القتال، حتى أنهم كانوا يُسمُّون الحرب التي تقع في هذا الشهر «حرب الفجار»!!. وكانوا يتحرَّون الدعاء في اليوم العاشر منه على الظالم، وكان يُستجاب لهم! وقد ذُكر ذلك لعمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: "إنَّ الله كان يصنع بهم ذلك ليحجز بعضهم عن بعض، وإنَّ الله جعل الساعة موعدهم، والساعةُ أدهى وأمرّ". وكانوا يذبحون ذبيحةً تُسمَّى (العَتِيرة)، وهي شاة يذبحونها لأصنامهم، فكان يُصبُّ الدم على رأسها! وأكثر العلماء على أنَّ الإسلام أبطلها، لحديث الصحيحين: (لا فرْع ولا عَتيرة).
وقد كان أهل الجاهلية يسمون شهر رجب مُنصّل الأسنّة كما جاء عن أبي رجاء العطاردي قال: "كنا نعبد الحجر فإذا وجدنا حجرا هو أخيرُ منه ألقيناه وأخذنا الآخر، فإذا لم نجد حجرا جمعنا جثوة " كوم من تراب" ثم جئنا بالشاة فحلبناه عليه ثم طفنا به فإذا دخل شهر رجب قلنا مُنصّل الأسنة فلا ندع رمحا فيه حديدة ولا سهما فيه حديدة إلا نزعناه وألقيناه فيشهر رجب".(رواه البخاري).
قال البيهقي: كان أهل الجاهلية يعظّمون هذه الأشهر الحرم، وخاصة شهرَ رجب فكانوا لا يقاتلون فيه. وكانوا يسمونه أيضا «رجب الأصم» لسكون أصوات السلاح وقعقعته فيه (تفسير الطبري:4/300).لرجب مكاتة عظيمة
وللأشهر الحرم مكانةً عظيمة، ومنها شهر رجب بالطبع، قال - تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام}[المائدة:2]، أي لا تحلوا محرماته التي أمركم الله بتعظيمها ونهاكم عن ارتكابها، فالنهي يشمل فعل القبيح ويشمل اعتقاده.
وقوله سبحانه: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم}[التوبة:36]
قال القرطبي - رحمه الله -: لا تظلموا فيهن أنفسكم بارتكاب الذنوب لأن الله - سبحانه - إذا عظم شيئا من جهة واحدة صارت له حرمة واحدة، وإذا عظمه من جهتين أو جهات صارت حرمته متعددة، فيضاعف فيه العقاب بالعمل السيئ كما يضاعف الثواب بالعمل الصالح، فإن من أطاع الله في الشهر الحرام في البلد الحرام ليس ثوابه ثواب من أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام، ومن أطاعه في الشهر الحلال في البلد الحرام ليس كثواب من أطاعه في شهر حلال في بلد حلال، وقد أشار - تعالى -إلى هذا بقوله - تعالى-: {يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين}[الأحزاب: 30].