من ترك أمره لله
أعطاه الله فوق ما يتمنى
"من تركَ شيئًا للهِ، عوَّضهُ اللهُ خيرًا منه" يجمع أهل العلم أنه لم يثبت صحة هذا الحديث بنصٍّ صحيح عن النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم، إلا أن الشيخ الألباني صحّح سنده وأورده في مصنّفه بهذا النص: ومعنى هذا الحديث ومضمونه صحيح، فقد ثبت أنّ النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، قاله بلفظ آخر: "إِنَّكَ لَنْ تَدَعَ شَيْئًا لِلهِ عز وجل إِلاَّ بَدَّلَكَ اللهُ بِهِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَكَ مِنْهُ".
شرح معنى حديث : من ترك أمره لله أعطاه الله فوق ما يتمنى
يشتمل هذا الحديث على ثلاثة عناصر:
'إنك لن تدع شيئًا'
يقول ابن القيم رحمه الله :
" وقولهم من ترك لله شيئا عوضه الله خيرا منه : حق ، والعوض أنواع مختلفة ؛ وأجلّ ما يعوض به : الأنس بالله ومحبته ، وطمأنينة القلب به ، وقوته ونشاطه وفرحه ورضاه عن ربه تعالى " ومن أمثلة العوض في الدنيا ، ما ذكره ابن القيم في كتابه القيم "
- لما ترك المهاجرون ديارهم لله ، وأوطانهم التي هي أحب شيء إليهم : عوضهم الله بفتح الدنيا ، وملكهم شرق الأرض وغربها " .
- لما عقر سليمان بن داود عليهم السلام الخيل التي شغلته عن صلاة العصر ، حتى غابت الشمس : سخر الله له الريح يسير على متنها حيث أراد . يقول الله تعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " ؛ فأخبر الله سبحانه وتعالى أنه إذا اتقاه عبده المؤمن، بترك أخذ مالا يحل له ، رزقه الله من حيث لا يحتسب "
وقد يتبادر للبعض أن التعويض يجب أن يكون من جنس الشيء المتروك أي يجب أن يكون من النقد أو نحوه ، بل قد يكون ذلك بأن يرزق الله تعالى عبده درجة عالية من الإيمان واليقين والرضى بما يقدره الله تعالى ، كما قيل لبعض الزهاد وقد رئي في هيئة رثة : من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه ، وأنت تركت الدنيا فماذا عوضك الله فقال : الرضى بما أنا فيه "
ثواب حديث من ترك شيئا لله .....
الجزاء الأوفى ، لأن التجارة مع الله لا تعرف الكساد ؛ لأنها ربح في الدنيا والآخرة . فعندما تترك شيئاً لله طمعاً في مرضاته فأنت تجني الربح ومثال على ذلك ، الصوامون الذين يتنازلون عن شهواة البطن واالفرج في الدنيا ، فجزاؤهم يوم القيامة هو باب الريان الذي لا يدخله إلا امثالهم من الصوامين .
وعندما تعرض سيدنا يوسف عليه السلام لفتنة امرأة العزيز التي جمعت بين المنصب والجمال، إلا أن العبد العفيف آثر العفة على السقوط في الفاحشة، فعوضه الله من كيد الشيطان وكيد امرأة العزيز ورغم سنوات السجن إلا أن الله عوَّضه بالتمكين في الأرض .
نسأل الله تعالى أن يتبثنا على ملة الإسلام وأن لا يجعل مصيبتنا في ديننا .