مطلعُ النور وبوابةُ الاستفتاح في يوم الاثنين 

يطلُّ علينا يوم الاثنين بصبغة خاصة تميزه عن سائر أيام الأسبوع في الشريعة الإسلامي؛ فيوم الاثنين ليس مجرد يوم عمل أو بداية فعلية للأسبوع في كثير من البلدان، بل هو يومُ الذاكرة النبوية. ففي الحديث الصحيح عندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين قال: "ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ فِيهِ".

ومن هذا المنطلق، يكتسب الدعاء في يوم الاثنين طعماً مختلفاً في الشريعة الإسلامية؛ فهو مزيج من شكر الله على نعمة الإسلام، واستفتاح أسبوع العمل بالبركة، والاقتداء بسنة الصيام. 

وفي هذه المقالة، سنستعرض معنى الدعاء في هذا يوم الاثنين عبر أربعة محاور فريدة، نختمها بسبعة أدعية جامعة.

الشكر على المنة العظمى في يوم الاثنين

بما أن يوم الاثنين هو يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث النبوية، فإن أجمل ما يتقرب به العبد لربه في يوم الاثنين هو دعاء الشكر. شكر الله الذي أخرجنا من الظلمات إلى النور ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم. 

إن الدعاء في يوم الاثنين المبارك لا يكون مجرد طلب للحاجات الدنيوية، بل هو استشعار لنعمة الهداية، وتجديد للعهد باتباع السنة النبوية. إن تخصيص وقت يوم الاثنين للصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء بالثبات على نهجه هو جوهر هذا المحور.

استجلاب البركة في السعي في يوم الاثنين

يُمثل يوم الاثنين في العرف العالمي والإداري انطلاقة دورة العمل الأسبوعية. وفي الشريعة الإسلامية، المسلم مأجور على سعيه في الأرض. لذا، يكون الدعاء في هذا المحور مركزاً على الاستفتاح. إنها لحظة يقرع فيها العبد باب الرزاق، طالباً أن يكون سعي هذا الأسبوع خالياً من المعاصي، مليئاً بالإنجاز، ومكللاً بالتوفيق. إنه دعاء تحويل عادة العمل إلى عبادة.

تزكية النفس بالصيام والدعاء في يوم الاثنين

يُسن صيام يوم الاثنين، وللصائم دعوة لا تُرد. حتى لغير الصائم، فإن موافقة هذا الوقت الذي يكثر فيه الصائمون تجعل للدعاء روحانية خاصة. وهذا المحور يركز على أدعية التزكية وغفران الذنوب. فكما تُعرض الأعمال على الله يومي الاثنين والخميس، فإن العبد يحرص أن يُرفع عمله وهو يلهج بالاستغفار والدعاء، لعل الله يتجاوز عن سيئاته ويبارك في حسناته.

السكينة والتوكل في يوم الاثنين

بعد عطلة الأسبوع، قد يشعر الإنسان بثقل المسؤوليات القادمة. هنا يأتي دور الدعاء بصفته ملاذاً للسكينة. التركيز هنا يكون على أدعية التوكل والتفويض. أن يسلم العبد مقاليد أسبوعه لله، طالباً منه الكفاية والحفظ من شرور النفس وشرور الخلق. إنه محور الطمأنينة التي يحتاجها المسلم ليواجه ضجيج الحياة بقلب ثابت.

أدعية جامعة ليوم الاثنين

لا يوجد نص شرعي مُلزم يسمى دعاء يوم الاثنين بحد ذاته، ولكن يُستحب الدعاء بجوامع الكلم وما يناسب حال العبد، وهذه باقة مختارة تناسب محاور هذا اليوم:

دعاء الاستفتاح والبركة:

- اللهم يا فاتح الأبواب، ومنزل الكتاب، وجامع الأحباب، ارزقنا في هذا الصباح رزقاً كالمطر يصب، واجمعنا بكل من نحب، وهون علينا كل صعب، واجعل أيامنا عيداً، ويومنا سعيداً، وعمرنا مديداً في طاعتك، واجعل لنا في كل خطوة توفيقاً وتيسيراً.

دعاء الصلاح والهدى :

- اللهم إنا نسألك بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة، أن تهدي قلوبنا كما هديتنا للإسلام، وأن تثبتنا عليه، اللهم أحينا على سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وتوفنا على ملته، وأوردنا حوضه، واسقنا بيده الشريفة شربة لا نظمأ بعدها أبداً.

دعاء الرزق والتوكل :

- اللهم إني توكلت عليك، وسلمت أمري إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك. اللهم اكتب لي في هذا الأسبوع تغيرًا للأفضل في نفسي وحالي، وحقق لي ما أتمنى، ولا تجعلني عبئاً على أحد، واكفني بحلالك عن حرامك، وبفضلك عمن سواك.

دعاء طلب المغفرة :

- اللهم إن هذا يوم تُعرض فيه الأعمال، وإني أستحي أن يُرفع عملي وفيه معصية لم أستغفر منها. اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، أنت المقدم وأنت المؤخر، وأنت على كل شيء قدير. اللهم بيض صحيفتي يوم ألقاك.

دعاء طلب الحفظ والمعونة:

- بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم. اللهم إني أعوذ بك من جهد البلاء، ودرك الشقاء، وسوء القضاء، وشماتة الأعداء. اللهم احفظنا من بين أيدينا ومن خلفنا، واجعل هذا اليوم شاهداً لنا لا علينا.

دعاء الجامع للخيرات:

- اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.

دعاء الصلاة على النبي :

- اللهم صلِّ على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد".

يوم الاثنين ليس مجرد ورقة في التقويم، بل هو فرصة أسبوعية متجددة لاستشعار محبة النبي صلى الله عليه وسلم، ولتصحيح المسار قبل الانغماس في مشاغل الحياة. 

وبالتالي فإن تخصيصك وقتاً للدعاء في يوم الاثنين هو دليل على يقظة قلبك ورغبتك في أن يكون وقتك كله لله.

فليكن دعاؤك يوم الاثنين مفتاحاً لبركة أسبوعك، وتذكرةً بأن كل عمل صالح ترفعه اليوم، قد يكون سبباً في سعادتك الأبدية.