سورة (يس)

سورة (يس)
المؤلف ثقافة وترفيه
تاريخ النشر
آخر تحديث

سورة (يس)


سورة (يس)


من المعلوم أن القرآن الكريم هو كلام الله تعالى عز وجل الذي أوحى به للنبيّ محمّد صلّى الله عليه وسلّم، وهو معجِزته التي تحدى بها كفار قريش . قال عز من قائل : ﴿ قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً ﴾ وقوله تعالى : ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾

ولا يستطيع أحد من الثقلين أنْ يأتي بمثل نظمه مهما بلغ من الفصاحة والبلاغة والبيان، وقد احتوى على مئة وأربع عشرة سورة، حيث بدأ بسورة الفاتحة وخُتم بسورة النّاس، والقرآن العظيم محفوظ من التحريف والتّبديل والاندراس، فقد تعهّد الله -سبحانه وتعالى- بذلك، فقال: (إِنّا نَحنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وَإِنّا لَهُ لَحافِظونَ) . 
وسنحاول في هذه التدوينة الإجابة عن مقاصد وفضل قراءة سورة (يس) يوم الجمعة وهل يصل ثوابها للأحبة في المقابر ؟ 

مقاصد سورة (يس)


بين علماء الأمة مقاصد سورة (يس) وأجمالوها في مجموعة من النقط نذكرها كالتالي :
- إعطاء الأهمية الأولى لبناء أسس العقيدة، حيث إنها تبيِّن ما هو الوحي وطبيعته، وأن هذه الرسالة التي جاء بها النبيُّ عليه الصلاة والسلام من أصدق الرسالات، كما أن قدوم الرجل المؤمن من أقصى المدينة ليستنكر على قومه الشرك الذي وقعوا به، ونصحهم باتباع المرسلين، يبيِّن أهمية العقيدة وأُسُسِ بنائها.
- تفضيل هذا الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم الموجد في كتابٍ أنزله الله سبحانه وتعالى عليه، من أجل أن يوصل إلى الأمة ويبلغها أن الفوز الحقيقي هو استقامة أمورها في الدنيا، والفوز بالأجر العظيم الذي في الآخرة.
- توصيف حال أكثر مشركي قريش بالشنيعة بسبب إعراضهم عن اتباع هذا الدين الحنيف، ولذلك حُرِموا الأجر العظيم والانتفاع بهذا الهدي الرباني، فالهم هؤلاء المشركين ليس كحال المؤمنين الذين نالوا الأجر والفوز بالجنة، لأنهم أهل الخشية، ولأن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يُوصف بالصراط المستقيم.
- ضَرْبُ المَثَل لأهل قريش عن فريقي أهل القرية، فمنهم من كان متبعاً، والآخرُ مُعرضاً، فحال شرك أهل قريش المشركين مشابهٌ لحال فريق المعرضين، وأن شركهم هذا مطابقٌ لبعضه البعض، وتِبيان جزاء أهل هذه القرية المعرضين، وجزاء المتبعين في الآخرة، وذلك ضرب المثل بشكلٍ عام، وهو حال القرون السابقة الذي كذَّبوا الرُسُلَ فأُهلِكوا.
- تنبيه الأمَّة لأعظم وأشهر حادثةٍ حصلت للمشركين المكذبين لنبيِّ الله نوح عليه السلام، حيث إنَّ الله أهلك الذين عاندوا وتمسكوا بأصنامهم بالغرق، وونجَّى الذين آمنوا واستقاموا.
- إيقاظ الله سبحانه وتعالى لعباده من غفلتهم التي كانوا بها، ودعوتهم وإرشادهم بالآيات الكونية التي ذكرها الله تعالى في بعض آيات هذه السورة، وأن الله هو الذي يَمُنُّ على عباده بهذه النِّعم التي تفرَّد سبحانه وتعالى بخلقها، وإنعامها، ووحدانيته.
- توجيه نداء الحسرة على العباد الذين لا ينتهون عن التكذيب، والاستهزاء بكل رسولٍ مرسلٍ لهم، غير معتبرين بهلاك من سبقهم من المكذبين والمستهزئين، ولا منتبهين لآيات الله سبحانه في هذا الكون.
- إدراج دلائل الإيمان في الآيات، وكيف أن الله تعالى يَمُنُّ على عباده بأن علَّمهم هذا الإيمان وهداهم إليه، فتُذكرهم الآيات بأن عليهم شُكرُ الخالق المنَّان على نعمة التقوى، ونعمة الإحسان، ونعمة تَرَقُّبِ الجَزاء، وأن عليه الانتهاء عن الشرك والستهزاء بالنبيِّ عليه الصلاة والسلام، وعليه الإقلاع عن استعجال العذاب، والتحذير من قدوم هذا الهذاب عليهم في حين بغتة، فلا يستطعون عندها التوبة، حيث إنه في وقتها يكون قد فات الأوان.
- تذكير الله لعباده مما أودعه سبحانه في فطرهم، وكيف عَهِدَ إليهم هذه الفطرة والفابلات التي أودعها فيهم.
- إرشاد العِباد إلى اتباع أهل الخير ودُعاتِه، والحذر من الشيطان لأنه أعدى أعداء الإنسان.
- نفيُ علاقة النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالشِّعرِ، ونفيُ أن ما جاء به شعراً.
- الترويح عن حزن النبي صلى الله عليه وسلم بسبب ما كان يقوله المشركون في حقه، وتذكيره بما قالوا بحق الله، بأنهم أنكروا إعادة خلقهم مرةً أخرى، ولكن الله سيعود ويخلقهم، وسيرجعون إليه، وعندها سيكون حسابهم بما كسبوا.

قراءة سورة (يس) في المقبرة

 جاءت أحاديث متعددة في قراءة سورة يس أشهرها ما رواه أبو داود وغيره من حديث معقل ابن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "اقرؤوا يس على موتاكم" وفي رواية: "اقرؤوها عند موتاكم ". وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف هذا الحديث ، فقال الدارقطني: هذا حديث ضعيف الإسناد مجهول المتن ولا يصح في الباب شيء، وقد اختلف العلماء في معنى قوله: "اقرؤوا يس على موتاكم" فمنهم من قال: إن المقصود بالحديث قراءتها حال الاحتضار، ومنهم من قال: إنها تقرأ بعد الموت. والمعنى الأول هو الأقرب إلى الصواب. قال ابن حبان في بيان معنى الحديث: أراد به من حضرته المنية لا أن الميت يقرأ عليه، وهو نظير قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة: "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله". فإن أمره بالتلقين المراد به نفع الميت بتذكيره لا إله إلا الله لتكون هذه الكلمة آخر كلامه من الدنيا، فيحصل له فضل كون آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة" كما في حديث معاذ عند أحمد وغيره.
وعلى هذا الباب ، استحب جمهور كبير من العلماء قراءة سورة يس عند المحتضر، وذهب بعضهم إلى استحباب قراءة هذه السورة على القبر، لحديث ضعيف رواه أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من دخل المقابر فقرأ سورة يس خفف الله عنهم، وكان له بعدد من دفن فيها حسنات"؛ على أن الإمام مالكاً قد كره قراءة يس عند المحتضر وعلى القبور؛ لأنه ليس من عمل السلف، كما هو معروف في كتب المالكية.
على أن الدردير وهو من كبار فقهاء المالكية  المتأخرين قال :على أنه لا بأس بقراءة القرآن، والذكر، وجعل ثوابه للميت، ويحصل له الأجر، إن شاء الله، إلا أن الدسوقي رجح الكراهة مطلقا.











تعليقات

عدد التعليقات : 0