عام آخر من عمرك قد انقضى

عام آخر من عمرك قد انقضى
المؤلف ثقافة وترفيه
تاريخ النشر
آخر تحديث

 عام آخر من عمرك قد انقضى


عام آخر من عمرك قد انقضى


هل نتعظ من هذه الحياة ؟ فها هو عام آخر من عمرك قد انقضى.. وها هي لحظات من حياتك قد غادرتك بلا عودة، وهاهم أحباب كثيرون قد غادروا حياتنا دون وداع ودون استئذان . 

وحينما ننظر إلى العام الماضي نجد أن فيه

 أكثرَ من ثلاثمائة وستين يومًا

أكثرَ من ثمانيةِ آلافِ ساعة

ما يزيد على خمسمائة ألف دقيقة

وقت كثير وزمن كبير فكيف قضيناه وفي أي شيء أمضيناه

تقلبت فيه كثير من الأحوال وتبدلت فيه كثير من الأمور

فكم من مولود ولد، وكم من ميت دفن، وكم من صحيح مرض، وكم من مريض استعاد صحته.

 وكم من أحداث مرت علينا خلال هذا العام كانت أدعي لنا أن نعتبر ونتعظ ونقترب من الله تعالى ونكثر من عبادته ونعود ونتوب إليه جلا في علاه

بعد قليل ، يودع الناس حول العالم عاما ويستقبلون عاما جديدا .. يودعونه بكل ما حمل معه من أفراح وأحزان ونجاحات وحروب .. يودعونه بشهوره وبأيامه وثوانيه ودقائقه وساعاته ولا أحد منهم سيتكهن ما سيحمله لنا العام الجديد .هل هي أيام سعيدة أم أيام تعيسة ؟ 

وكمسلم وجب علي أن أتخذ من انقضاء الأيام وذهاب الأعوام عبرا تدفعني للعمل الصالح والإعداد للقاء الله عز وجل. وأن الدنيا لو دامت لغيري لما وصلت إلي. وفي هذا الصدد يقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، فإن أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكم اليوم، وتزينوا للعرض الأكبر، يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية). فالعاقل يحاسب نفسه محاسبة الصادق معها فيعرف ما قدم في نهاية هذا العام ويستعرض أعماله الصالحة والسيئة، فيحمد الله على ما قدم من عمل صالح ويسأل الله قبوله ولا يغتر به أو يصيبه الغرور أو العجب، وبالمقابل ينظر نظرة فاحصة فيما حصل منه من سيئات وتقصير ويسعى في إصلاح ذلك بالمبادرة إلى التوبة النصوح المبنية على الإقلاع عن الذنب والندم على ما مضى من التفريط فيه، والعزم على عدم العودة إليه مرة أخرى. مع رد المظالم إلى أهلها وليكثر من الاستغفار وسؤال الله الجنة والنجاة من النار ويعقد العزم على أن يبدأ عامه الجديد بنية صالحة والإعداد للقاء الله عز وجل.

فالعاقل من اتعظ بأمسه، واجتهد في يومه، واستعد لغده، ومن أعظم الحكم في تعاقب السنين وتغير الأحوال والأشخاص أن ذلك دليل على كمال عظمة الله تعالى . وقيل لنبي الله نوح عليه السلام، وقد لبث مع قومه ألف سنة إلا خمسين عامًا، كيف رأيت هذه الدنيا؟ فقال: كداخل من باب وخارج من آخر.

فإذا كنت ممن ضيع عمره فيما لا ينفع، ألم تعلم أنك تستكثر الأثقال على نفسك وتزيد حجة الله عليك، فكم مر عليك من الأعوام وأنت تتمتع بثوب الصحة والعافية ومع ذاك وذاك لم تؤد زكاة صحتك وعافيتك بل أصبحت مغبونًا فيهما لما ضاع عليك من الأعمال دون استثمار وتحصيل للآخرة.

فكن ممن قال الله تعالى فيهم{قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام ]

وكان الحسن البصري رحمه الله يقول ما مر يوم على ابن آدم إلا قال له ابن آدم إنّي يوم جديد وعلى ما يعمل فيّ شهيد وأخرِّ ما شئت فلن يعود أبدا إليك والزمن يمضي والأيام تسير في عجل ابن آدم إنما أنت أيام فإذا ذهب يوم ذهب بعضك ويوشك إذا ذهب البعض أن يذهب الكل.

وأخيراً وليس آخراً نختتم مقالتنا بهذا الدعاء : "اللهم اجعل يومنا خيراً من أمسنا، وغدنا خيراً من يومنا، وتقبل منا ما مضى، وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب الآخرة، وأحسن خاتمتنا يا رب العالمين".






تعليقات

عدد التعليقات : 0