والصبح إذا تنفس
تفسير القرطبي
قوله تعالى : والصبح إذا تنفس أي امتد حتى يصير نهارا واضحا ; يقال للنهار إذا زاد : تنفس . وكذلك الموج إذا نضح الماء . ومعنى التنفس : خروج النسيم من الجوف . وقيل : إذا تنفس أي انشق وانفلق ; ومنه تنفست القوس أي تصدعت .
تفسير الطبري
وقوله: ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) يقول: وضوء النهار إذا أقبل وتبين.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.
* ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كُرَيب، قال: ثنا ابن يمان، عن أشعث، عن جعفر، عن سعيد، في قوله: ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) قال: إذا نشأ .
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ ) : إذا أضاء وأقبل .
تفسير بن كثير
وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ (18)
قال الضحاك: إذا طلع
وقال قتادة : إذا أضاء وأقبل، وقال سعيد بن جبير: إذا نشأ وهو المروي عن علي رضي الله عنه
وقال ابن جرير: يعني ضوء النهار إذا أقبل وتبين.
معجزة الصبح إذا تنفس
أقسم الخالق سبحانه وتعالى في كتابه الكريم : {وَالصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ} وكما هو معلوم فالواو هنا للقسم والعظيم لا يقسم إلا بعظيم، ففي هذه الآية أقسم الله سبحانه بالصبح إذا تنفس وهي الآية التي يُشبه الله سبحانه وتعالى عملية بدأ ظهور الشمس في الأفق {الصُّبْحِ} بإنسان بدأ بأخذ النفس أي أخذ شهيق بعد استراحة أو سبات مؤقت عند الزفير.
كما نعلم أن عملية التنفس هي من أهم العمليات الحيوية التي تقوم بها الكائنات الحية حيث يقوم الإنسان من خلال هذه العملية بإدخال الهواء الغني بالأوكسجين إلى الرئتين (الشهيق) حيث تقوم الرئتين بامتصاص الأوكسجين وطرح ثاني أكسيد الكربون وهذه العملية هامة جداً لجسم الإنسان ولا يستطيع إي إنسان أن يستغني عنها أكثر من دقائق معدودة وتوقفها يعني الموت المحقق.
يأتي الإعجاز العلمي في الآية إلى أن الصبح يتنفس حيث أثبت العلم أن وقت الصبح هو البداية والنهاية في عمليتي التمدد والانكماش ، وإذا تخلينا هاتين العملتين أي تمدد الغلاف الجوي وانكماشه مرة أخرى فسنجده مشابه بدرجة كبيرة لعمليتي الشهيق والزفير التي يقوم بها الإنسان فما هي من حيث الظاهر إلا تمدد وانكماش للرئتين
وعليه فإن الجسم يستفيد من الأكسجين الذي يقوم بحرق الغذاء وإنتاج الطاقة التي تبعث الحياة في خلايا الجسم وأنسجته . ففي الصباح ومع ظهور علامات الصبح تبدأ عملية غاية في الأهمية والتعقيد وهي عملية التركيب الضوئي حيث تقوم النباتات بأخذ غاز ثاني أكسيد الكربون (الغاز المؤذي الذي لا يستطيع الإنسان استهلاكه) من الهواء وتطرح غاز الأوكسجين بدلاً عنه.
أخيراً وليس آخراً ، من الذي أخبر محمدا الأمي بهذه العملية ؟ إنه الله تعالى الذي مبشراً ومعلما يقول تعالى في محكم كتابه : " وما ينطق عن الهوى ،إن هو إلا وحى يوحى " وأصلى وأسلم على محمد وعلى آله وصبحه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .