الأزمة الاقتصادية الجزائرية

 الأزمة الاقتصادية الجزائرية
المؤلف ثقافة وترفيه
تاريخ النشر
آخر تحديث

 الأزمة الاقتصادية الجزائرية



الأزمة الاقتصادية الجزائرية



قبل سنتين ، وبالضبط في شهر فبراير من 2020، خرج ملايين الجزائريين إلى الشوارع احتجاجًا على ترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة بعد عشرين سنة أمضاها في الحكم. وما كان في الوهلة الأولى حراكا سياسيًا عفويا ضد بوتفليقة تحول سريعًا إلى مطلب شعبي بتغير سياسي جذري. تمكّن الجزائريون على مدى الأشهر الماضية من إبقاء احتجاجاتهم المتواصلة سلميةً على الرغم من استفزازات النظام الحاكم، ومن الحفاظ على وحدتهم بوجه المحاولات الكثيرة التي تُبذل لتفريقهم من طرف نظام الجنرالات .

الغضب الاجتماعي يعمّق الأزمة السياسية في الجزائر

اشتعل الغضب الشعبي في الجزائر التي تعاني أصلا من أزمات اقتصادية خانقة سببها انخفاض أسعار النفط وما زاد الطينة بلة ، جائحة كورونا. كل هذه العوامل أسهمت في خلق اضرابات بسبب ارتفاع معدل البطالة والفقر ونقص المواد الغذائية الأساسية وارتفاع أسعار المواد الأساسية .

وما يعمق الأزمة الاقتصادية أكثر المأزق السياسي المستمر الذي كان سببا في انطلاق الانتفاضة الشعبية للحراك قبل عامين.

يشير أكبر العارفين بالوضع الاقتصادي الجزائري ، بأن الأمور تزداد سوءًا يومًا بعد يوم مما يؤدي إلى إفقار شرائح كاملة من السكان بسبب شح فرص العمل مما يضاعف معدلات البطالة . بالتالي فإن جميع المؤشرات الاقتصادية مقلقة للغاية ولابوادر تلوح بالأفق قد تخفف من الوضع الكارثي للمواطن الجزائري البسيط .

في أواخر العام الماضي ، أعلنت الحكومة الجزائرية أن أزمة كورونا تسببت في فقدان آلاف الوظائف .

ولم ينته الأمر عند هذا الحد، فمن المتوقع أن يؤدي القرار الأخير بإغلاق 16 ميناء موصولة بمرفإ بحري عبر طرق برية أو للسكك الحديد إلى فقدان أكثر من 4000 وظيفة مباشرة. هذا الوضع المتأزم أدى أيضا إلى إغلاق مصانع تجميع السيارات، في أعقاب فضائح فساد، ووقف استيراد مستلزمات الأجهزة الكهربائية المنزلية وهو ما أدى إلى فقدان أكثر من 50 ألف وظيفة في عام 2020، بحسب وزير العمل .

كما يواصل عمال الشركات التي سُجن رؤساؤها بتهم الفساد المتفشي في ظل رئاسة عبد العزيز بوتفليقة الذي استمر حكمه 20 عاما تعبئتهم لإنقاذ الشركات التي يعملون فيها وبالتالي الحصول على رواتبهم المتوقفة منذ شهور.

ويقدر صندوق النقد الدولي البطالة حاليا بأكثر من 14% و23 % من خريجي الجامعات. 

فالاقتصاد الجزائري بحاجة إلى سعر نفط يبلغ 170 دولار للبرميل، أي أكثر من ضعف السعر الحاليّ البالغ 74 دولارًا، من أجل تعديل التوازنات المالية للدولة.

ومن العلامات المقلقة لنظام مشلول في مواجهة عودة الحراك الشعبي إلى الشوارع؛ انتشار الحركات الاجتماعية في القطاع العام، ومنها  التعليم والبريد وإدارة الضرائب والسكك الحديدية والقطاع الصحي الذي أصبح شبه مشلول بسبب تداعيات كورونا .

وسبق أن اعتقلت السلطات الجزائرية قرابة 800 محتجا كانوا قد تجمّعوا لاستنكار الجمود السياسي والمصاعب الاقتصادية المستمرّة في أرجاء البلاد. وكانت هذه الخطوة من أبرز استعراضات القوّة التي يبديها النظام حتّى اليوم في وجه الانتفاضة الشعبية الناشبة منذ سنتين والمعروفة باسم “الحراك”، وقد استأنفت تظاهراتها الشعبية الأسبوعية في فبراير بعد تعليق نشاطاتها نحو سنة بسبب جائحة فيروس كورونا المستجدّ.

تحرير الأسعار 

تعمقت الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انخفاض مداخيل النفط مع حلول شهر رمضان ومشكلاته المعتادة من شح المواد وارتفاع الأسعار بسبب المضاربة.

وعبر عدد من المتقاعدين ، عن انزعاجهم من تكرار هذا الوضع بقولهم: "في كل عام، تجتمع الحكومة قبل عدة أشهر من حلول رمضان وتعلن لنا، هذه المرة، كل شيء على ما يرام. ولكن كل عام يتكرر الشيء نفسه، المضاربة والندرة".

ولاتجد العديد من العائلات التي تعيش أوضاعا صعبة خلاصها الوحيد إلا من خلال الجمعيات الخيرية التي توزع المواد الضرورية مجانًا لأكثر الفئات حرمانًا.

واضطر ذوو الدخل المحدود من الجزائريين إلى تقليص نفقاتهم وشد الأحزمة، كما لم يفعلوه من قبل.

وأمام ارتفاع أسعار المواد الزراعية ، لجأت السلطات إلى طرح كميات كبيرة منها في السوق لتوفيرها بسعر يقل عن النصف.

ردا على سؤال لوسائل الإعلام المحلية، أشار الخبير الاقتصادي بوبكر سلامي إلى أن "غياب الرقابة والإجراءات الرادعة ضد المحتالين شجّع على المضاربة... القوانين على الرفوف لكنها غير مطبقة".

من جهته دعا رئيس جمعية حماية المستهلك مصطفى زبدي إلى ضرورة "تنظيم السوق" من أجل "تنويع الاقتصاد".

وأعرب حزب جبهة القوى الاشتراكية،  وهو أقدم أحزاب المعارضة عن أسفه للوضع الكارثي الذي يعاني منه الجزائريون. وقال "اليوم يحق لنا التشكيك في كفاءة الحكام الحاليين لقيادة البلاد، وخطورة الوضع تُقاس بعدم قدرتهم على وقف التضخم واستقرار العملة الوطنية والحفاظ على العملة الوطنية والقدرة الشرائية للمواطنين".

ففي حين أن الحد الأدنى الوطني للأجور لا يتعدى 125 يورو ،  يرى  نقابيون واقتصاديون جزائريون أن الحد الأدنى اللائق للأجور يجب أن يتضاعف على ماهو حاليا حتى يصل إلى 4000 يورو.

وتهاوت القدرة الشرائية مع استمرار مسلسل انخفاض قيمة العملة الجزائرية .

فتخفيض قيمة العملة من دون اعتماد سياسة اقتصادية مدروسة، قد يؤدي إلى كوارث وخيمة على القدرة الشرائية للمواطنين التي تأثرت وتتأثر وستتأثر مستقبلا بهذه السياسات العرجاء  التي تضر بالمواطن البسيط .

فسياسات العسكر الجزائري اضرت بالاقتصاد الوطني الذي لم يعرف أي تحسن منذ استقلال الجزائر عن المستعمر الفرنسي



تعليقات

عدد التعليقات : 0