دعاء اليوم السادس من رمضان: باب الرحمة والاستجابة.
شهر رمضان المبارك هو شهر الرحمة والمغفرة، شهر تتضاعف فيه الأجور وتُفتح فيه أبواب الجنة .
وكغيره من أيام رمضان المبارك ، فإن اليوم السادس من رمضان يُستحب فيه الإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله سبحانه وتعالى. وبالتالي فإن اليوم السادس من رمضان يأتي كمحطة مباركة يحرص فيها المسلمون على التقرب إلى الله بالدعاء، متوسلين إليه بأسمائه الحسنى وصفاته العلى.
إن دعاء اليوم السادس من رمضان يحمل في طياته معاني عميقة تتعلق بالكف عن المعاصي، والنجاة من سخط الله، والتوفيق في الطاعة، مما يجعله دعاءً جامعًا لخيري الدنيا والآخرة.
وفي هذه المقالة، سنتناول دعاء اليوم السادس من رمضان بشكل مفصل من خلال أربعة محاور رئيسية، وهي: نص الدعاء ومصدره، معانيه ودلالاته، فضل الدعاء في هذا اليوم، وأهمية الالتزام به خلال شهر رمضان، لنبرز أهمية هذا الدعاء ودوره في حياة المسلم.
نص الدعاء ومصدره
دعاء اليوم السادس من رمضان مروي عن النبي صلى الله عليه و وسلم، كما نقله ابن عباس رضي الله عنهما، وهو كالتالي:
- عن ابن عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله: "اللَّهُمَّ لَا تَخْذُلْنِي لِتَعَرُّضِ مَعَاصِيكَ، وَأَعِذْنِي مِنْ سِيَاطِ نَقِمَتِكَ وَمَهَاوِيكَ، وَ أَجِرْنِي مِنْ مُوجِبَاتِ سَخَطِكَ، بِمَنِّكَ وَ أَيَادِيكَ يَا مُنْتَهَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ."
هذا الدعاء ورد في مصادر إسلامية معتبرة، ويُعد من الأدعية التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بها في أيام رمضان، حيث كان يحث أصحابه على الإكثار من الدعاء في هذا الشهر الفضيل لما فيه من أوقات استجابة.
ويُظهر الحديث ارتباط الدعاء بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يعزز من قيمته الروحية والشرعية. كما أن ورود هذا الدعاء في سياق أيام محددة من رمضان يدل على أهمية تخصيص كل يوم بدعاء معين يتناسب مع حاجات العبد وتطلعاته في تلك المرحلة من الشهر الكريم.
معاني الدعاء ودلالاته
دعاء اليوم السادس من رمضان غني بالمعاني العميقة التي تعكس حال المؤمن المتضرع إلى الله.
فالدعاء يبدأ بقول: "اللَّهُمَّ لَا تَخْذُلْنِي لِتَعَرُّضِ مَعَاصِيكَ"، وهو طلب للعون الإلهي حتى لا يُترك العبد وحيدًا أمام إغراءات المعاصي التي قد يتعرض لها، خاصة في ظل ضعف النفس البشرية. ثم يأتي الجزء الثاني: "وَأَعِذْنِي مِنْ سِيَاطِ نَقِمَتِكَ وَمَهَاوِيكَ"*، وهو استغاثة بالله للحماية من عقوباته وعذابه الذي قد يصيب العاصين، حيث تُشير "سياط النقمة" إلى العقوبات الدنيوية والأخروية، و"مهاويك" إلى مواطن الهلاك والخطر التي قد يقع فيها الإنسان إذا ابتعد عن طريق الهداية.
أما قوله: *"وَأَجِرْنِي مِنْ مُوجِبَاتِ سَخَطِكَ"، فيعبر عن رغبة العبد في النجاة من الأفعال التي تُغضب الله، سواء كانت ذنوبًا كبيرة أو صغيرة. ويختتم الدعاء بقوله: *"بِمَنِّكَ وَأَيَادِيكَ يَا مُنْتَهَى رَغْبَةِ الرَّاغِبِينَ"، وهو تعبير عن التوكل على فضل الله ورحمته، وليس على عمل العبد نفسه، مع التأكيد على أن الله هو الغاية القصوى لكل من يرجو الخير والنجاة. هذه المعاني تجعل الدعاء شاملاً لجوانب الحماية والتوفيق والرحمة.
فضل الدعاء في اليوم السادس من رمضان
الدعاء في رمضان له فضل عظيم، وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن "ثلاثة لا تُرد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم". واليوم السادس من رمضان، كغيره من أيام هذا الشهر، يحمل خصوصية لأنه جزء من العشر الأوائل التي تُعرف بأيام الرحمة. ترديد دعاء اليوم السادس يُعد من الأعمال المستحبة التي تزيد من قرب العبد من ربه، وتُعينه على استكمال صيامه وقيامه بنفس مطمئنة.
ومن فضائل هذا الدعاء أنه يُركز على طلب العصمة من الذنوب والنجاة من غضب الله، وهي أمور تتناسب مع جو رمضان الذي يسعى فيه المسلم للتوبة والإصلاح. كما أن الدعاء المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم يحمل بركة خاصة، إذ إن كلماته مُلهمة من الله، وترديده يُعتبر اتباعًا للسنة النبوية، مما يزيد في أجره وثوابه. ويُقال إن من داوم على هذا الدعاء في اليوم السادس قد يُكتب له التوفيق والحفظ من الآفات طوال الشهر وبعده.
أهمية الالتزام بالدعاء في رمضان
الالتزام بالدعاء في كل يوم من أيام رمضان، ومنها اليوم السادس منه، يُعد من أبرز مظاهر العبادة في هذا الشهر. فالدعاء هو سلاح المؤمن، وفي رمضان يصبح أكثر قوة لأن الله يتجلى على عباده بالمغفرة والإجابة.
إن دعاء اليوم السادس يُعلم المسلم كيف يتوجه إلى الله بقلب خاشع، معترفًا بضعفه وحاجته إلى العون الإلهي، مما يعزز من إيمانه ويقوّي علاقته بالله.
كما أن الالتزام بهذا الدعاء يُساعد على تنظيم العبادة اليومية في رمضان، حيث يجعل المسلم يخصص وقتًا للتأمل والدعاء، سواء في السحر أو عند الإفطار أو في أوقات الاستجابة الأخرى. ومن جهة أخرى، يُعزز هذا الالتزام الشعور بالانتماء إلى الأمة الإسلامية التي تحيي هذه السنة النبوية عبر العصور، مما يجعل الفرد يشعر بأنه جزء من سلسلة متصلة من المؤمنين الذين يسعون لرضوان الله.
نقول ختاما إن دعاء اليوم السادس من رمضان جوهرة روحية تتألق في سماء هذا الشهر الفضيل، حاملاً في طياته معاني الافتقار إلى الله والتوسل إليه بالحفظ والرحمة. من خلال نصه المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم، ودلالاته العميقة، وفضله العظيم، وأهمية الالتزام به .
يتضح أن هذا دعاء اليوم السادس من رمضان ليس مجرد كلمات تُردد، بل هو منهج حياة يُعين المسلم على تحقيق التقوى والقرب من الله.
فلنجعل من دعاء اليوم السادس من رمضان محطة يومية نجدد فيها العهد مع الله، طالبين منه العون والمغفرة، ومتمسكين بسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، راجين أن نكون من المقبولين في هذا الشهر الكريم، وأن يتقبل الله منا صالح الأعمال، إنه نعم المولى ونعم النصير.